إن الأرض مسطحة ومستديرة. كيف يمكن تناول هذا الموضوع الذي يشكل عقبة كبيرة؟

منذ عام 1968 ومع ظهور صور ضوء الأرض التي تمت رؤيتها من على القمر بمعرفة رحلة الفضاء أبوللو 8، يبدو جلياً للجميع أن الأرض عبارة عن كرة زرقاء وبيضاء اللون. مع أننا لو سنحت لنا فرصة السفر بالطائرة في أحد الأيام حيث تكون السماء صافية، فسيبدو منحنى الأفق بوضوح بمجرد ارتفاع الطائرة. ولكن كيف يمكن إدراك أن الأرض دائرية ونحن على سطحها؟ منذ العصور القديمة التي تبعد ما يزيد عن ألفي عام، حين لم يبدأ ظهور الصواريخ والطائرات، فكر الناس منذ ذلك الحين في أن الأرض مستديرة. فعلي مستوى البحر، لا يظهر منحني الأفق. غير أننا إذا نظرنا إلى السفن الكبيرة التي تغادر المواني، نلاحظ مرورها تدريجياً أسفل خط الأفق. ما كان ذلك ليحدث إذا كانت الأرض مسطحة. وإذا تمكنا، كما هو الحال في اليونان، من ملاحظة البحر من أعلي قمة أحد الجبال فإننا نلاحظ حداً أبعد مما نلاحظه عند وقوفنا في مستوى أدنى من مستوى البحر: حيث نلاحظ "تراجع" الأفق (أنظر الرسم التالي).

وقد يمكن الاستعانة بتجربة Eratosthène التاريخية مع أنها أكثر تعقيداً بكثير ولكنها سمحت منذ القرن الثالث قبل الميلاد بتقدير امتداد خط الطول بين Syène والإسكندرية (مما سمح بتقدير شعاع الأرض). –الأدوات: عصا بطول واحد متر تقريباً، خيط من الرصاص، متر مزدوج لأعمال القص واللصق. –كما يجب وجود مراسل على خط عرض مختلف تماماً (ولكن ليس بالضرورة على نفس خط الطول). والمطلوب: 1- تسجيل ظلال العصا المغروسة رأسياً بقوة داخل تربة مستوية في أثناء نهار مشمس (إن أمكن نفس اليوم من السنة). ويصل طرف العصا إلى عمق متراً واحد تماماً أسفل التربة. وغالباً ما تدون هذه التسجيلات قرب وسط النهار. سوف نحصل على أقصر ظل عند الظهيرة حسب التوقيت الشمسي المحلي. 2-قياس طول هذا الظل بدقة. 3-مقارنة هذا القياس بالقياس الذي سجله المراسل البعيد؛ ويرجع الفرق بين المقياسين إلى أن المستويين اللذين يلقى عليهما الظل ليسا متوازيين فيما بينهما. ومع ذلك يجب توضيح أن الأشعة الشمسية تصل متوازية فيما بينها إلى الأرض. ففي الواقع، تكون ظلال الأجسام الرأسية (مباني، أشجار) متوازية عندما تضيئها الشمس، ولكنها تتباعد بشدة عندما تضاء بواسطة مصدر أقرب للضوء.

ويشير الرسم التالي بصورة واضحة إلى أن افتراض كروية الأرض هو الأفضل: الافتراض الأول: الأرض مسطحة. فظلال العصي الموجودة عند خطوط عرض متباعدة تظهر في نفس اليوم وقت الظهر حسب التوقيت الشمسي المحلي على هيئة ظلال لها نفس الطول.

الافتراض الثاني: الأرض مستديرة. فظلال العصي الموجودة عند خطوط عرض متباعدة تظهر في نفس اليوم وقت الظهر حسب التوقيت الشمسي المحلي على هيئة ظلال بأطوال مختلفة. في نصف الكرة الشمالي، يزيد الظل كثيراً كلما ارتفع خط العرض.

إنني أتفق معكم تماماً، فهذا الموضوع يشكل حقاً عقبة كبيرة. علاوة على أن تلك العقبة للأسف لا يمكن تناولها بتجربة عملية، الأمر الذي يجعل مزيداً من جدلية معالجتها. وكل تلك المقدمة لأشير إلى أن إجابتي على هذا السؤال لن تكون "حاسمة". وقبل البدء في الإجابة، أود أن أنوه إلى بعض الأفكار عن الأساس في تلك العقبة، كما أود الاعتماد على هذا المثال ذو الأهمية الخاصة لفهم كيف تسير خطوات التعليم. 1. رؤية كوكب الأرض المسطحة واعتقاد أنها مستديرة: باستخدام التلسكوب في الحالتين. فنحن نعيش على كوكب الأرض ونتصور أنه مسطح (عند المرتفعات الجبلية القريبة). ثم نميز ونفرق دون خلط بين النقاط العليا والسفلى التي تشكل لنا نقاطاً مهمة جداً. فلقد تعلمنا كيفية تحديد السماء والشمس والنجوم الموجودة في "الأعلى"، وعندما ننزل، فنؤكد ذلك بإضافة كلمة إلى "الأسفل". ومع ذلك، في علم الفلك يجب تخيل كوكب الأرض على هيئة مستديرة بحيث يكون الجزء السفلي في مركز الدائرة والجزء العلوي محيط به. ولنتأمل قليلاً الطابع "السريالي" لهذه الجملة: "الجزء السفلي في المركز!" من بوسعه تصديق ذلك؟ فالدلالات الفلكية يجب إذاً أن تتكون بخلاف الدلالات الشخصية. فعند دراسة مبادئ الهندسة، يتعلم التلميذ منذ الصغر تحديد الدلالات على ورقة يحدد عليها الجزء العلوي والسفلي (حتى وإن وضعت الورقة أفقياً). وليس من الممكن اللبس بين أسفل الورقة ومركزها. ومن هنا يتضح أن الدلالات الفلكية يجب أيضاً أن تتحدد بمنأى عن الدلالات الهندسية الفطرية. ومن هنا، تمر عملية فهم طبيعة الأرض الكروية جيداً ببعض التصورات الفكرية وفق نظام استدلالي جديد. 2- ما هي الطريقة المتبعة للوصول إلى تلك التصورات؟ سوف يستدل تلميذ المرحلة الابتدائية على التغيرات التي تطرأ على طريقة تصوره للأرض. ولكن الطريق ملبد بالغيوم والنهاية ليست مضمونة في تلك المرحلة. 2-1. يبدأ التفكير بالاستيعاب. ولنضع أنفسنا مكان طفل صغير يبلغ من العمر 5-6 سنوات. فإدراكه للفضاء يعد بسيطاً نظراً لصغر سنه. وفي أحد الأيام يتلقى معلومة أن "الأرض كروية". وليس من الممكن أن يتمكن من إدراكها كلية. بل أنه سوف يدرجها ضمن النظام الفكري الخاص به مع الاحتفاظ بالعناصر الأساسية فيه، أي جزء علوي وسفلي مطلقين. وهكذا سوف يتصور الأرض بصورة دائرية مثل الفطيرة. ووفق أحد المداخل الفلسفية يعرف الاستيعاب على أنه العملية التي يتم من خلالها إدخال المعلومة إلى طريقة التفكير المسبقة دون تعديل تلك الطريقة. 2-2. اختيار المعلومات. تغيير أسلوب التفكير، وضع دلالات جديدة وكل ذلك ليس سهلاً كما أن التفكير لا يبحث تلقائياً عن الصعوبات. بل على العكس، يعتبر نظام الإدراك متحفظاً بالدرجة الأولى. فيظهر ميلاً كبيراً للقيام بعملية اختيار تسمح له بإهمال أو بإهدار بعض العناصر جزئياً أو كلياً. وجميعها مراحل طبيعية تهدف بصورة أساسية إلى تجنب ضغط الإدراك. وبطبيعة الحال ليست عملية الاختيار ثابتة. فعندما نقدم للتلميذ بعض العناصر التي تؤرقه أو ببساطة لا يجد لها أهمية، يميل بشدة على تجاهلها... ولنعد إلى تلميذنا الصغير. فقد إفترضنا أنه سيسمع يوماً ما مقولة أن "الأرض كروية". وقد يكون الشخص البالغ مهتماً بتوصيل المعلومة للطفل أن الأرض "كروية مثل الكرة وليس مثل الديسك". ولكنه قد يفشل في إدراج المعلومة ضمن إطار تفكير الطفل الذي يستوعب جزءاً منها فقط (الأرض كروية) ويهمل الجزء الآخر (مثل الكرة). 2-3. الاستيعاب المشوه. قد يحتفظ الطفل على الرغم من كل شيء بمعظم المعلومات. ولكنه قطعاً لن يتصور أرضاً "كروية مثل الفطيرة" في حين يكرر له الكبار (أولياء الأمور، المعلمون، المدرسون) مراراً "كروية مثل الكرة". فحينئذ يجب عليه بين الحين والحين إدراك الشكل الكروي لكوكبنا. ولكنه لم يكسب شيئاً حيث أن الاستماع الجيد دائماً ما يسمح بإدراك أن وراء ملامح السطح التي تبدو صحيحة (حيث يستطيع الطفل الإشارة بوضوح إلى أن الأرض كروية مثل الكرة، ويستطيع رسمها) لا يزال يختفي غموض شديد حول ماهية الأعلى والأسفل. وسوف أتناول هذه الجزئية بالتفصيل في الفقرة 3-2-4. التكيف. وتبدأ هذه المرحلة حين يقوم العقل بعملية إعادة تنظيم. وحينئذ تتغير الأسس التي يتم العمل على أساسها كلياً. ويعد التكيف هو علامة التعلم الصحيح. أما عن الموضوع الذي يشغل اهتمامنا، وفي أفضل النتائج، قد نتوقع عند نهاية المرحلة الابتدائية أن يتمكن التلاميذ من تصور الأعلى والأسفل على أنهما إشارات مرجعية مرتبطة بالأرض. ولكن بالنسبة للبعض الآخر، قد يتأخر ذلك قليلاً. 3. كيف يمكن تتبع تلك التطورات في المدرسة؟ يمكن بسهولة تبين تقدم ومصاعب هؤلاء التلاميذ وذلك بأن نطلب منهم رسماً وباللقاء الفردي معهم وبإتباع بروتوكول أو منهج يتقدم وفق درجة تمكنهم من المعلومة. وفيما يلي مثال يشمل عدة مراحل. 3-1. رسم الأرض والمحيطات. بالمرور بالقرب من التلاميذ وبالمناقشة معهم يمكن بسهولة تبين إن كانوا يعتقدون أن الأرض مسطحة (كروية مثل الديسك) أو كروية. ومنذ المرحلة الثانية يكثر ظهور هذه الحالة الثانية. 3-2. رسم السماء والشمس والنجوم. فإذا كانوا يشرحون بطريقة مقنعة أن الأرض كروية مثل الكرة، يرسم معظمهم السماء والنجوم أعلى الورقة. ويحدث ذلك تقريباً في المرحلة الثانية أو بداية المرحلة الثالثة. 3-3. رسم رجل الجليد عند القطب الشمالي. سوف يقوم الجميع بتمثيله أعلى الورقة. وليس للأمر أهمية كبرى، فأي شخص بالغ قد يفعل بالمثل. ولكنه أمر عرضي. 3-4. رسم رجل الجليد عند القطب الجنوبي. قد يقوم بعض التلاميذ برسمه بصورة صحيحة، أي بأرجل تلمس الأرض بينما يتجه الرأس أسفل الورقة. ولكن سيوجه كثير منهم الرأس أعلى الورقة. 3-5. كل رجل جليد يلقي حجرة بعيداً. رسم خط سير الحجرة بواسطة سهم. من بين التلاميذ من يقوم بتمثيل رجل الجليد عند القطب الجنوبي بصورة صحيحة بينما يرسم البعض الآخر سهماً متجهاً لأسفل الورقة. وفي المرحلة الابتدائية نادراً ما يصل بعض التلاميذ إلى نهاية هذه الاختبار دون أخطاء. وإن وجد، قد نفكر بصورة منطقية أنهم تمكنوا من استيعاب الدلالات الخاصة بالأرض وأنهم يستخدمونها للتفكير المنطقي على عكس التلاميذ الآخرين الذين يعودون بصورة أو بأخرى إلى دلالات ورقة الرسم. ملحوظة: إنني استوحي معظم تعليقاتي عن هذه الجزئية من NUSSBAUM J. (1990، 1991)، "إحساس التلاميذ بالمفاهيم الفلكية"، Les cahiers Clairaut، رقم 52، 53، 54، 55. 4. ما الذي يجب القيام به لإسراع تلك البنية؟ كما سبق أن أشرت أنه لا يوجد حل مثالي. وفيما يلي بعض الاقتراحات. 4-1. تقديرات؟ قد يمكننا لصق رجال الجليد حول كرة باستخدام عجينة مثبتة. ولن يكون لذلك الأمر أهمية كبرى فالأطفال يعلمون أن رجل الجليد إذا سقط سوف يقع على الأرض. قد يمكن الاستفادة أكثر باستخدام كرة معدنية ومغناطيس يلصق بأرجل رجال الجليد. ونحن هكذا طبعاً نحدث لبساً بين الجاذبية والمغناطيسية. وبروح الدعابة، شاهدت بعض التلاميذ يؤيدون ذلك قائلين أنه يوجد حديد داخل الأرض. باختصار، سطح أملس. وقد فهمتم أنني متشكك بشأن حقيقة تلك التقديرات. 4-2. مشاهدة صور أو شرائط عن الفضاء. ما هي الشروط؟ فمعظم التلاميذ تعودوا على صور الأرض الملتقطة بالأقمار الصناعية. وقد نتساءل عما قد تعنيه لهم تلك الصور التي أصبحت عديمة التأثير. ألم تصل لمستوى نشرات أخبار الأرصاد الجوية مثلها في ذلك مثل شاحنات "دارتي"؟ ولتستعيد تلك الصور أهميتها التربوية، يجب أن تعود مصدراً للتساؤلات. ويبدو لي أن هناك نوعي من الصور يتمشى مع ذلك. –تلك الصورة التي تظهر فيها الأرض أعلى شاشة التليفزيون، مع وجود رائد فضاء إن أمكن في الصف الأول ورأسه أيضاً أعلى الشاشة. ألن تسقط الأرض على رأسه؟ - وفي المقابل، إذا ظهرت الأرض أسفل الشاشة، قد يبدو شيقاً مشاهدة رواد الفضاء أثناء عملهم ورؤوسهم متجهة أيضاً أسفل الشاشة. ما الذي يقومون به ليعملوا ورؤوسهم إلى الأسفل؟ وباختصار، يجب البحث عن صور تشكك في دلالاتنا الشخصية. وجميعها تفيد في إدراك أن الأعلى والأسفل لا معنى لهما في الفضاء. 4-3. حسن واستمرار الاستماع من جانب المعلم. فهي حقيقة ولكن قد يفيد تكرارها حيث يبدو من المهم التعرف على مشاكل التلاميذ وموقفهم منها. 4-4. النقاش بين التلاميذ. نحن جميعاً نعلم مدى أهمية لحظات المواجهة بين التلاميذ حيث يرغب كل منهم في إقناع صديقه ويجد نفسه مضطراً لتوضيح فكرته لدرجة تجعله أحياناً يتبين مدى تناقضها. وأقترح الاستفادة من الفكرة المقترحة في الفقرة الثالثة لتنظيم النقاش بين التلاميذ بالبدء بمجموعات صغيرة متجانسة حول بعض الرسوم يتم اختيارها بعناية فائقة. وقد يكون من الشيق القيام بذلك مرتين أو ثلاث مرات خلال العام الدراسي. وأعتمد على الطابع المتجانس للمجموعات الصغيرة فهذا أمر مهم عندما تكون المهمة المطلوبة ضرورية للإدراك. فالمخاطرة كبيرة في المجموعات غير المتجانسة حيث يقتصر النقاش على بعض "القادة" بينما يشرد الآخرون بأفكارهم. 4-5. وضع مسافة بين التلميذ ودلالات الورقة. فقد حذر التربويين في مجال الرياضيات من مخاطر تعلم الهندسة على أوراق مربعة. فحذروا من تلك المستطيلات التي عادة ما ترسم متوازية لحواف الورقة. وبإتباع ذلك، نساعد على استقلالية التلميذ تجاه دلالات معينة بينما يجب مساعدته على اكتساب مرونة تسمح له بالتنقل بين الدلالات دون الخلط بينها. لماذا لا نتمتع برسم الأرض على ورقة غريبة الشكل لا يمكن تحديد أعلاها من أسفلها؟ لماذا لا نتمرن على رسمها على ورقة مستطيلة، ولكن بوضع القطب الشمالي في الأسفل يمين الورقة. أين سيكون إذاً القطب الجنوبي وخط الاستواء وفرنسا؟ 4-6. مرجع تاريخي: كيف نعرف ذلك؟ لا تساعد تلك البداية التلاميذ بصورة مباشرة على فهم المصاعب التي كان يواجهها الإنسان (وخاصة "العلماء") قديماً. فالمشكلة التي يمكن تقاسمها يسهل استيعابها. ويتم توضيح بعض التفاصيل لمن لا يجيدون معرفة علم الفلك. نحن نعلم أن الأرض كروية منذ زمن طويل (لم يسهم كريستوفر كولمبس أو جاليليو في معرفة ذلك، على عكس ما تشير إليه بعض الأفكار المتعارف عليها). –وقد عرف البحارة منذ عرفت الملاحة أن مراقب أرصاد السفينة يمكنه رؤية الأرض قبل باقي الناس الموجودة على السفينة حين يقوم بالمراقبة من أعلى الشراع. وهذا لا يتمشى مع الأرض المسطحة الهيئة بل مع أرض كروية الشكل. –ويعد خسوف القمر المعروف منذ أمد بعيد وسيلة أخرى للتخمين. في أثناء تلك الظاهرة، نشاهد ظل الأرض يزول عن القرص المضيء للقمر المكتمل، الأمر الذي يسمح بتخيل الشكل. –يرجع الفضل الأساسي إلى Eratosthène (284-192 ق.م.) الذي قام بالقياس الأول لشعاع الأرض. ويمكن تناول نظريته بالطبع مع تلاميذ المرحلة الثانية. وفي عصر الإنترنت والبريد الإلكتروني، قد يمكن القيام بمراسلات بين مدرستين تقع إحداهما في شمال فرنسا والأخرى في جنوبها (أو في بلاد أخرى...). وتبدأ التجربة في المقام الأول برسم ظل حافة عصا (بنفس الطول في المدرستين) قد غرست رأسياً في التربة خلال النهار، ثم نقوم بقياس طول الظل الأقصر. في المدرسة الموجودة في شمال فرنسا، سوف يكون طول الظل الأقصر أكبر من نظيره في المدرسة الجنوبية. ويجب بعد ذلك تنظيم ردود أفعال مع التلاميذ بعناية للتساؤل عن السبب في ذلك. وهناك احتمالان: أن تكون الأرض مسطحة والشمس قريبة جداً... أن تكون الشمس بعيدة جداً والأرض كروية. وكما نرى، ليست "الدلائل العلمية" سهلة التطبيق. ولكن نظراً لوجود إشارات أخرى تميل لفكرة أن الأرض كروية، توصل Eratosthène لنظريته عن طريق الافتراض الثاني. وأنا أعترف أن هذا النشاط "محدد" بالنسبة للمدرسة. لمزيد من التأمل يجب إضافة معلومة لاستكمال الناحية التاريخية هي أن هذه النظرية كانت مقصورة فقط على الأقلية المثقفة. ففي أحد اللوحات التي ترجع للقرن السادس عشر، رسم الفنان جيروم بوش الأرض على هيئة كرة قطعها من النصف الأسفل بخط أفقي للحصول على بذلك جزأين. حيث يمثل الجزء السفلي الأرض (ذي السطح المسطح). ويمثل الجزء العلوي السماء الممتلئ بالسحب. والخلاصة، إنني لا أدعي أنني قدمت دليلاً مفصلاً للمجالات الشيقة للدراسة ولكنني متأكد من أمر واحد أنه لا يوجد مجال واحد قادر بمفرده على تحقيق نتائج مذهلة. بل أن اختلاف زوايا تناول الموضوع وتداخلها هو الذي يفتح المجال أمام الوصول بالتلاميذ لبعض الحلول بين تلك التطورات الصعبة على ألا ننسى أن كل ذلك يستغرق وقتاً طويلاً فالسنة الدراسية هي الحد الأدنى لذلك الوقت. ويفضل استغراق المرحلة الابتدائية بالكامل إذا كان الاعتماد بين المعلمين على أكمل وجه داخل نطاق المدرسة.